ماسوتاتسو أوياما مؤسس رياضة الكراطي كيوكوشنكاي:
تم تأسيس رياضة الكيوكوشينكاي على يد الأستاذ ماسوتاتسو أوياما Masutatsu Oyama في عام 1964، عندما أنشأ المقر الرئيسي العالمي، كانت فكرته هي إنشاء تقنية قادرة على الجمع بين أفضل فنون الدفاع عن النفس المختلفة.
أسطورة أوياما مؤسس الكراطي كيوكشينكاي. |
لهذا، تم استنباط هذا الأسلوب من بعض الفنون الدفاعية الأخرى مثل: الملاكمة،
الملاكمة التايلاندية، كاراتيه جوجو ريو والشوتوكان كاراتيه وغيرها.
أسطورة أوياما مؤسس الكاراتيه كيوكوشينكاي:
بعد ممارسة العديد من فنون القتال، أسس أوياما أسلوبه الخاص، مستوحى من
فلسفة "القتال الحقيقي" ودمجا لتقنيات الكاراتيه و الجودو والجيو جيتسو، حيث تميز أسلوبه بالتركيز على الضربات القوية والتدريبات الصارمة، مما أكسبه لقب
"أقوى رجل في اليابان".
لذلك، نجد في هذا الفن القتالي
ضربات منخفضة وحركات دائرية وحتى إمساكا، بناءً على تقنية الكيهون، وهي شكل مكمل للكاتا،
إضافة إلى أسلوب الكوميتيه المبني على القوة المفرطة والتي تجعل الغلبة للأقوى عن طريق
الضربة القاضية.
ماذا يقصد بالكيوكوشينكاي:
يتكون مصطلح كيوكوشينكاي من ثلاث كلمات: كيو، وتعني الأعلى؛ شين،
أي الحقيقة أو الواقع؛ وكاي الذي يلتقي أو يتواصل. بمعنى آخر، يمكننا تفسير
هذا الفن على أنه مدرسة الحقيقة العليا.
الفرق بين الكاراتيه التقليدي والكيوكوشينكاي:
دعونا نلقي نظرة سريعة وباختصار على الاختلافات الرئيسية بين الأسلوبين:
- إذا الكاراتيه التقليدي يتأثر بالكندو أو الجودو أو الأيكيدو، فإن الكيوكوشينكاي يأتي أكثر من المواي تاي أو غوجو ريو، كما رأينا.
- يبلغ عمر الكيوكوشينكاي ما يزيد قليلاً عن 50 عامًا، في حين أن الكاراتيه التقليدي معروفة منذ القرن السادس عشر.
- لا يستخدم كاراتيه الكيوكوشينكاي وسائل الحماية أو المعدات على عكس الكاراتيه التقليدي الذي يعتبر أكثر أمان وحماية للاعبين.
- الكاراتيه التقليدي يعتبر أقل عنفا وأكثر حماية وسلامة اللاعبين، ولكنه أيضا يعد أقل فعالية وقوة من الكيوكوشينكاي.
- في وضع الكوميتيه، يسمح لك الكاراتيه التقليدي بالفوز بالنقاط، بينما في الكيوكوشينكاي، يتم ذلك فقط بالضربة القاضية.
لذلك، تهدف رياضة الكاراتيه كيوكوشينكاي إلى تحسين المستوى البدني والعقلي
للممارس من خلال الحقيقة العليا ، وهو بذلك أسلوب حديث يُجسد فلسفته القتالية، فتم
دمج تقنيات قوية مع التركيز أكثر على التماس الكامل وتطوير القدرات البدنية والنفسية
للممارس.
سيرة ماسوتاتسو أوياما :
ولد ماسوتا أوياما بتاريخ 1923/06/27 في كوريا الجنوبية وكان اسمه الحقيقي يونغ
إلتشونغ، بدأ مشواره الرياضي في سن التاسعة بممارسة الكنمبو الجنوبي أو الكونكفو الصيني ، هاجر
إلى اليابان في سن الخامسة عشر فقام بتغيير اسمه إلى أوياما تيمنا بالأسرة التي احتضنته
.
تعمق أوياما في الفنون الدفاعية:
لم يكتف أوياما بتعلم أسلوب الكاراتيه شوطوكان، بل سعى إلى التعمق في
هذا الفن واكتشاف إمكانياته الهائلة، خضع أوياما لتدريبات قاسية للغاية، ومارس تقنيات
قاسية مثل "الضربات المائة" و"التدريب في الجبال"، كما واجه العديد
من الخصوم الأقوياء، وشارك في العديد من المعارك، مما أكسبه خبرة قتالية لا مثيل لها.
أولا : إنطلاقة أوياما من أسلوب الشوتوكان
عند التحاق أوياما بجامعة طوكوشوكو بدأ التدرب على أسلوب الكاراتيه شوطوكان
تحت إشراف مؤسسه الأستاذ غيشن فوناكوشي والذي كان يعتبره أفضل مدرب له لكونه علمه الكثير، وعند بوغه 18 سنة
حصل على الحزام الأسود الدرجة 2 في الشوطوكان .
ثانيا: إتقان أوياما عدة فنون دفاعية أخرى
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ، التقى اوياما بالأستاذ نيتشي سو مدرب
الكراطي كوجوريو، وهو تلميذ لمؤسس هذا الأسلوب
الأستاذ كوكن نكاياموشي، حيث تعلم منه الكوجو
ريو ، ارتبط مع هذا الأخير في علاقة صداقة ، حيث تأثر بأسلوبه كثيرا ، بعد ذلك تدرب على رياضة الجودو أيضا وحصل
فيها على الحزام الأسود الدرجة الرابعة.
ثالثا: توقف مسيرة أوياما مؤقتا
لقد توقفت مسيرة أوياما مؤقتا عن ممارسة الفنون الدفاعية ، وذلك بسبب حادثة القتل التي تسبب فيها لشخص ، دفاعا عن فتاة تعرضت لهجوم بسكين من طرف ياباني ، فقام بصد هجومه وضربه بقوة ، توفي هذا الأخير على إثرها في الحين ،وبعد إثبات براءته دفاعا عن النفس ، شعر بالذنب وقرر عدم ممارسة الكراطي بصفة نهائية .
لكن تدخل أستاذه في الكوجو ريو ، فأخبره بأنه عليه أولا تدريب
نفسه على التحكم في ذاته، مما جعله يفكر في
الإنعزال عن الناس وممارسة الكاراتيه والبحث في فلسفته وأسراره الخفية من أجل تصفية
ذهنه و تهذيب نفسه .
وفي سنة 1948 قصد جبل يسمى مينونوبو، فاستقر فيه هناك ليبأ تدريباته التي كانت
جد قاسية دامت حوالي 18 شهرا .
رابعا : عودة أوياما للميدان مجددا
بعد عودة اوياما من الجبال شارك في بطولة اليابان الأولى بعد الحرب العالمية
الثانية، فحقق فيها الفوز بسهولة ، ثم توجه مرة أخرى للجبال ، حيث كانت تداريبه أكثر
قسوة، ففكر في مصارعة الثيران لإختبار مدى جاهزيته و قوته ، وهذا ماوقع بالفعل بعد عودته
للمدينة حيث صارع حوالي 52 ثورا ، منها من
كسر قرونها بضربة واحدة عن طريق تقنية الشوطو، فاشتهر حينها بمصارع الثيرن الذي لايقهر
.
لم يقتصر إنجاز أوياما على مهاراته القتالية، بل كان أيضا معلما ملهما
وفيلسوفا عميقا، حيث ألف العديد من الكتب عن الكاراتيه، ونشر فلسفته حول القوة والانضباط
والمثابرة.
تأسيس أسلوب الكراطي كيوكشين كاي :
في سنة 1952 سافر أوياما للولايات
المتحدة الأمريكية ، فقام بعرض تقنياته عبر التلفاز وقبل بتحد أي شخص أراد مواجهته
، حيث بلغ عدد المتبارين حوالي 270 شخص ، وكان من مبادئه في النزال الضربة القوية الواحدة
، فقام بإنشاء أسلوب الكاراتيه كيوكوشينكاي الذي يعتمد على القوة والضربة القاضية فلقي
بذلك تجاوبا كبيرا من جميع مقاتلي دول العالم متأثرين بسمعة وسيرة أوياما.
عاش أوياما كأسطورة طيلة حياته إلى أن توفي بتاريخ 1994/04/26 عن سن يناهز
71 سنة بسب سرطان الرئة ، تاركا وراءه إرثا غنيا في عالم الكاراتيه، والذي مازال أسلوبه
يُمارس من قبل ملايين الأشخاص حول العالم، ويُعتبر أحد أقوى وأكثر فنون القتال احتراما.
فلسفة الكيوكوشينكاي:
لا يقتصر الكيوكوشينكاي على مجرد فن قتالي، بل يتعدى ذلك ليشكل فلسفة حياة شاملة، تُركز فلسفة الكيوكوشينكاي على احترام الذات والنضال من أجل تحقيق الأهداف، والتغلب على الصعاب، وتطوير الشخصية، ومن أهم مبادئ الكيوكوشينكاي نجد:
- الاحترام: احترام الذات والآخرين، والالتزام بالقيم والمبادئ الأخلاقية؛
- النضال: السعي الدؤوب لتحقيق الأهداف، وعدم الاستسلام أمام التحديات؛
- التحمل: القدرة على الصبر والمثابرة، وتحمل الصعاب والمشقات؛
- التحكم بالنفس: القدرة على التحكم بالعواطف والتصرفات، والحفاظ على رباطة الجأش في المواقف الصعبة؛
- التواضع: عدم التكبر على الآخرين، والاعتراف بأخطائهم.
مع مرور الوقت، تحول الكيوكشين كاي من مجرد أسلوب قتال إلى فلسفة حياة
تُلهم الملايين حول العالم، على اعتبار أن فلسفة الكيوكوشينكاي كانت دائما تشجع على التحديات والصبر والمثابرة،
وتساعد على بناء شخصية قوية وواثقة من النفس.
ممارسة الكيوكوشينكاي:
تُعد ممارسة الكيوكوشينكاي تجربة ثرية وفريدة من نوعها، تتضمن التدريبات تقنيات قتالية متنوعة، مثل اللكمات والركلات والصدات، بالإضافة إلى تمارين اللياقة البدنية والتحمل. وبصفة عامة، يُركز الكيوكوشينكاي على القتال الكامل، حيث يُسمح بالاتصال الكامل بين المقاتلين في المباريات.
يُعرف الكيوكوشينكاي أيضا ببطولاته المميزة، مثل "بطولة العالم
المفتوحة للكيوكوشينكاي"، التي تعد من أشد بطولات فنون القتال صرامة في العالم،
تجذب هذه البطولات أفضل المقاتلين من جميع أنحاء العالم، وتقدم جوائز قيمة للفائزين.
خاتمة:
تُجسد قصة ماسوتاتسو أوياما مثالا رائعا على ما يمكن تحقيقه من
خلال المثابرة والتصميم، وخاصة أن حياة أوياما كانت محطة للعديد من التحديات والعوائق،
لكنه لم يستسلم أبدًا، بفضل إرادته القوية وشغفه الكبير، أصبح أحد أهم رواد الكاراتيه
في التاريخ، وترك إرثا خالداً يلهم الأجيال القادمة.