المقتضيات القانونية المٍؤطرة لتأسيس الجمعيات الرياضية :
تعتبر الجمعيات الرياضية ركيزة أساسية في المجتمعات الحديثة، فهي تلعب
دورا حيويا في نشر ثقافة الرياضة، وتعزيز الروح الرياضية، وتنمية المواهب الشابة.
وبالتالي، فإن تأسيس وإدارة هذه الجمعيات يخضع لقوانين وتشريعات خاصة تضمن تنظيمها
وحوكمتها. في هذا المقال، سنتناول بالتحليل خصوصية القانون المنظم لتأسيس الجمعيات الرياضية،
متعمقين في الجوانب القانونية والاجراءات الإدارية التي تميز هذه الجمعيات عن غيرها من الجمعيات
الأخرى.
خصوصيات القانون المنظم لتأسيس الجمعيات الرياضية. |
لتأسيس جمعية رياضية ، يجب احترام مجموعة من الإجراءات والمساطر الإدارية السارية على الجمعيات بصفة عامة ، مع استحضار الخصوصية الرياضية في هذا الشأن ، وبالتالي فهي خاضعة لمجموعة من المقتضيات القانونية وهي محددة فيما يلي :
- الظهير الشريف الصادر بتاريخ 15 نونبر 1958 بتنظيم حق تأسيس الجمعيات، كما تم تغييره وتتميمه لاحقا ؛
- القانون رقم 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة الذي تم تنفيذه بمقتضى الظهير الشريف الصادر بتاريخ 24 أغسطس 2010 ؛
- المرسوم الصادر بتاريخ 4 نونبر 2011 بتطبيق القانون رقم 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة .
استهل القانون المنظم للجمعيات في فصله الأول لمفهوم
الجمعية واعتبرها مجرد اتفاق لتحقيق تعاون مستمر بين شخصين أو عدة أشخاص لاستخدام معلوماتهم
أو نشاطهم لغاية غير توزيع الأرباح فيما بينهم ، و تضمن الفصل 2 من نفس القانون
على أنه يجوز تأسيس هذه الجمعيات بكل حرية ودون سابق إذن بين الأشخاص ، كما اعتبر
المشرع أن الجمعية تكون باطلة إذا تأسست وكان هدفها غير مشروع يتنافى مع القوانين أو
الآداب العامة أو قد تهدف إلى المس بالدين الإسلامي أو بوحدة التراب الوطني أو بالنظام
الملكي أو تدعو إلى كافة أشكال التمييز طبقا لمقتضيات الفصل 3 من القانون المنظم
للجمعيات.
وعليه فإن فكرة مشروع الجمعية
يجب أن تكون محددة بوضوح من قبل أعضاء اللجنة التحضيرية التي تسهر على عقد اجتماع عام
يسمح لهم باتخاذ قرار بشأن الأهداف الأساسية للجمعية ومختلف قواعدها والغاية من
تأسيسها.
الخطوات الرئيسية لتأسيس جمعية الرياضية :
- تحديد فكرة المشروع ؛
- تحديد أهداف الجمعية وغرضها وقواعدها ، والتي تتسم في الغالب بطابعها الرياضي ؛
- تحديد موعد انعقاد الجمع العام التأسيسي ؛
- إخبار السلطات المحلية بمكان وموعد انعقاد الجمع العام التأسيسي ؛
- إخبار السلطة الحكومية المكلفة بالرياضة (وخاصة المندوبية الإقليمية التي توجد داخل المجال الجغرافي ) بمكان وموعد انعقاد الجمع العام التأسيسي ؛
- إرسال الإخبار إلى الأعضاء المؤسسين خلال أجل لا يتجاوز 15 يوما قبل انعقاد الجمع التأسيسي، مرفقا بقائمة الأعضاء المؤسسين للجمعية والنظام الأساسي النموذجي ؛
- عقد الجمع العام لتحديد رؤية الجمعية والموافقة على إنشائها ؛
- تقديم التصريح بالتأسيس إلى السلطات المحلية في مكان وجود المقر الرئيسي للجمعية مرفقا بالوثائق المنصوص عليها في المادة 5 من ظهير 1958 .
ويجب إيداع هذا التصريح من طرف الكاتب العام للجمعية أو رئيسها لدى مقر السلطة الإدارية المحلية
مرفقا بخمسة نسخ مصادق عيها من الوثائق التالية :
- النظام الأساسي النموذجي للجمعية الرياضية ؛
- محضر الجمع العام التأسيسي ؛
- لائحة أعضاء المكتب المديري لجمعية ؛
- بطائق التعريف الوطنية للأعضاء .
مراحل تأسيس جمعية رياضية :
تتطلب عملية تأسيس جمعية رياضية اتباع مجموعة من المراحل،
والتي تختلف باختلاف التشريعات والقوانين الوطنية. بشكل عام، تتضمن هذه المراحل ما يلي:
أولا : عقد لجنة تحضيرية
والتي يجب عقدها قبل أي إعلان للجمعية ، بعد أن يتلقى الأعضاء الذين
يرغبون في تشكيل المكتب المديري إشعارا بذلك
من طرف اللجنة التحضيرية ، خلال أجل 15 يوما قبل انعقاد الاجتماع ، و يجب تحديد في
هذه الدعوة الغرض من هذا الاجتماع ، وذلك بمناقشة
مشروع النظام الأساسي النموذجي الخاص بالجمعيات الرياضية المتفق عليه سواء تعلق
الأمر بالجمعيات الرياضية وحيدة النشاط أو متعددة الأنشطة .
ثانيا : إعداد وصياغة النظام الأساسي للجمعية الرياضية :
ويجب في هذه الحالة الالتزام بالنظام الأساسي النموذجي الخاص بالجمعيات الرياضية ، مع الاتفاق على تحديد نوعه هل يتم الاعتماد على النظام الأساسي النموذجي للجمعية الرياضية وحيدة النشاط أو متعددة الأنشطة ، وخاصة أن هذه الجمعيات أصبحت ملزمة بإتباع هذا الشكل وبالتالي لم يعد بإمكان الأعضاء تحرير نموذج خاص بهم تحت طائلة البطلان ، لكن من المفروض أن يتم الإشارة في النظام الأساسي ما تضمنه الفصل 5 من الظهير المنظم لتأسيس الجمعيات ، وخاصة أهداف الجمعية واسمها وأعضاء مكتبها ومهامهم و لائحة بالأسماء الشخصية والعائلية وجنسية وسن وتاريخ ومكان الازدياد ومهنة ومحل سكنى أعضاء المكتب المسير والصفة التي يمثلون بها الجمعية تحت أي اسم كان وصورا من بطائق التعريف الوطنية أو بطائق الإقامة بالنسبة للأجانب و مقر الجمعية وعدد ومقار ما أحدثته الجمعية من فروع ومؤسسات تابعة لها أو منفصلة عنها .
ثالثا :إيداع التصريح بالتأسيس لدى السلطات المحلية
يجب أن يتم إيداع التصريح بتأسيس الجمعية لدى الملحقة الإدارية
المحلية التي يتبعها المركز الرئيسي للجمعية مرفقا بثلاث نظائر من الوثائق المنصوص
عليها في الفصل 5 من الظهير المنظم للجمعيات ، وخاصة محضر الاجتماع والنظام
الأساسي النمودجي للجمعية ولائحة أعضاء المكتب المديري والذي يجب أن يتكون من عشرة
أعضاء فما فوق حسب ما أشارت إليه المادة 23 من النظام الأساسي النموذجي للجمعيات
الرياضية ، وهو نقيض ما هو معمول به في الجمعيات الأخرى غير الرياضية ، على اعتبار
أن الظهير الشريف لسنة 1958 المنظم للجمعيات لم يحدد عدد الأعضاء المؤسسيين
للجمعية لا في حده الأدنى ولا في حده الأقصى
، وهو خلاف ما تضمنته المادة 23 من قانون رقم 30.09 ، حيث نص المشرع على أنه علاوة على رئيسه يتكون
المكتب المديري من (من 9 إلى 15) عضوا ، ينتخب المكتب المديري من بين أعضائه :
- نائب
أول للرئيس ؛
- نائب
ثان للرئيس ؛
- كاتب
عام ؛
- كاتب
عام مساعد ؛
- أمين
مال ؛
- أمين مال مساعد ؛
- مستشارين (ما بين 3 إلى 9).
وعند استيفاء التصريح للإجراءات المنصوص عليها في القانون ، يسلم الوصل
النهائي وجوبا داخل أجل أقصاه 60 يوما ، وفي
حالة عدم تسليمه داخل هذا الأجل يمكن للجمعية أن تمارس نشاطها وفق الأهداف المسطرة
في قانونها الأساسي ( الفصل 5 من القانون المنظم للجمعيات ).
ومن الناحية العملية ، غالبا ما يتم تسليم وصل مؤقت عند إيداع
التصريح بالتأسيس ، وبمجرد إصدار الوصل المؤقت ، يمكن للجمعية أن تبدأ في عملها ،
لكون هذا الإيصال يعتبر ساري المفعول ومقبول إداريا ، لكن الإشكال المطروح هو في حالة تعنت
الإدارة وامتناعها عن تسليم الوصل النهائي بعد سريان المدة التي حددها القانون وهي
60 يوما من الإيداع ، هل تعتبر الجمعية قانونية في هذه الحالة ؟
بالفعل لا ، لأن الجمعية لا يمكن ممارسة أنشطتها إلا بعد التوفر على
هذا الوصل ، وفي هذه الحالة ما عليها سوى انتظار سريان أجل 60 يوما ، ومن بعدها
تكتسب الجمعية الصفة القانونية وبالتالي ممارسة أنشطها وفق الأهداف المنصوص عليها
في قانونها الأساسي .
مميزات القانون المنظم للجمعيات الرياضية:
يتميز القانون المنظم لتأسيس الجمعيات الرياضية بعدة خصائص تميزه عن غيره من القوانين المنظمة لأنواع الجمعيات الأخرى. منها:
- الهدف العام: يهدف القانون المنظم للجمعيات الرياضية إلى تحقيق أهداف عامة تتعلق بتشجيع ممارسة الرياضة، وتطويرها، ونشر قيمها السامية في المجتمع.
- الطبيعة الخاصة: تتميز الجمعيات الرياضية بطبيعة خاصة تتمثل في كونها مؤسسات غير ربحية، تعمل على تحقيق أهداف رياضية محضة، حيث نص القانون بشكل واضح على أن الغاية الأساسية من تأسيس الجمعية الرياضية هي ممارسة الأنشطة الرياضية وتطويرها.
- التنظيم الهيكلي: تخضع الجمعيات الرياضية لتنظيم هيكلي خاص يشمل الجمع العام، والمكتب المديري، واللجان المتخصصة والفروع بالنسبة للجمعيات المتعددة الأنشطة، وكل منها له صلاحيات ومسؤوليات محددة.
- الشروط الخاصة للتأسيس: لا يشترط القانون عادة توافر عدد معين من الأعضاء المؤسسين، لكن الطبيعة الخاصة للقانون الرياضي المغربي '' وخاصة القانون رقم 30.09 في المادة 23 منه، نصت صراحة عدد معين من الأعضاء ( ما بين 9 إلى 15 إضافة إلى الرئيس). كما ألزم القانون أيضا وضع نظام أساسي نموذجي يتضمن بنودا خاصة بالأنشطة الرياضية وإدارة الجمعية.
- العلاقات الدولية: ترتبط الجمعيات الرياضية بعلاقات دولية واسعة، مما يستوجب وجود تشريعات واضحة تنظم هذه العلاقات وتضمن التزام الجمعيات بالمواثيق الدولية.
- التزامات الجمعية: يفرض القانون على الجمعية الرياضية التزامات معينة، مثل تقديم تقارير دورية عن أنشطتها المالية والإدارية، والالتزام بالقوانين واللوائح الرياضية.
- التنوع المؤسساتي: تشمل الجمعيات الرياضية مجموعة متنوعة من المؤسسات، إبتداء من الأندية الصغيرة إلى غاية الاتحادات الرياضية الوطنية والدولية. فضلا على ذلك، نظم القانون بشكل واضح العلاقة بين الجمعية الرياضية والاتحاد الرياضي الوطني، والذي يمثل الجهة المسؤولة عن تنظيم الأنشطة الرياضية على المستوى الوطني.
التحديات التي تواجه القانون المنظم للجمعيات الرياضية:
على الرغم من الأهمية الكبيرة للقانون المنظم للجمعيات الرياضية، إلا أنه يواجه بعض التحديات، منها:
- التغيرات السريعة في عالم الرياضة: تتغير أنماط ممارسة الرياضة والتحديات التي تواجهها الجمعيات الرياضية بسرعة كبيرة، مما يستدعي تحديث التشريعات بشكل مستمر.
- التنوع الكبير في الجمعيات الرياضية: تختلف الجمعيات الرياضية في أحجامها وأهدافها ومواردها، مما يجعل من الصعب وضع تشريع موحد يناسب جميع الحالات.
- التداخل مع القوانين الأخرى: يتداخل القانون المنظم للجمعيات الرياضية مع قوانين أخرى، مثل قانون الشركات وقانون الجمعيات، مما قد يؤدي إلى بعض التعقيدات.
آفاق تطوير القانون المنظم للجمعيات الرياضية:
لتجاوز التحديات التي تواجه القانون المنظم للجمعيات الرياضية، يمكن اتباع بعض المقترحات، مثل:
- تحديث التشريعات: يجب مراجعة القوانين واللوائح المنظمة للجمعيات الرياضية بشكل دوري وتحديثها لتتناسب مع التطورات الحاصلة في عالم الرياضة.
- تبسيط الإجراءات والمساطر الادارية: يجب تبسيط الإجراءات المتعلقة بتأسيس وإدارة الجمعيات الرياضية، وتقليل البيروقراطية.
- توفير الدعم المالي والفني: يجب توفير الدعم المالي والفني للجمعيات الرياضية، خاصة الجمعيات الصغيرة والناشئة.
- تعزيز الشراكة بين القطاع العام والخاص: يجب تعزيز الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص لتطوير الرياضة وتوفير البنية التحتية اللازمة.
الخاتمة:
وختاما، رغم أن القانون المنظم للجمعيات الرياضية يلعب دورا حيويا في تنظيم الأنشطة الرياضية وتطويرها، فإنه يحتاج إلى تطوير مستمر لمواكبة التغيرات السريعة في عالم الرياضة، وتلبية احتياجات الجمعيات الرياضية المتنوعة. وبالتالي، من خلال تبني المقترحات الواردة في هذا المقال، يمكن تحقيق تقدم كبير في هذا المجال.
ملحــق : القانون الأساسي قابل للتحميل أنقر على الرابط أسفله
النظام الأساسي النموذجي للجمعيات الرياضية قابل للتعديل بصيغة الوورد