ظاهرة الألتراس في الوسط الرياضي تثير الجدل

ظاهرة الألتراس في الوسط الرياضي تثير الجدل.

وأمام هذا الجدل السائد حول هذه الظاهرة ، سوف نتناول بالتفصيل في هذا المقال عالم الألتراس لكشف تعريفها ، تاريخها، مبادئها والتمييز ما بين سلبياتها وإيجابيتها ، ثم نوضح دورها في المجتمع، وفي الأخير نشير إلى أشهر مجموعات الألتراس حول العالم ومختلف التحديات التي تواجهها مستقبلا.

تعريف الألتراس:

تسمى بالألتراس أو الأولتراس: باللغة اللاتينية Ultras بمعنى الزيادة عن الحد، أما بالنسبة لمعناها المتداول و الشائع فهو التعبير عن المجموعات التي تعرف بانتمائها وتعلقها الشديد لفريقها، ويتجسد ذلك من خلال خلق الأجواء الحماسية على المدرجات والملاعب تشجيعا وتحفيزا للفريق وإلهاما للاعبين لتحقيق للفوز والانتصارات .

نشأة الألتراس:

لقد كانت البوادر الأولى لظهور الالتراس في إيطاليا خلال ستينيات القرن الماضي، وانتشرت بعد ذلك  في جميع أنحاء العالم، حيث كان الهدف الرئيسي من خلق هذه المجموعات هو دعم فرقها بشكل منظم وحماسي، ورغبة في التعبير عن الانتماء لفريق معين بطريقة مبتكرة تميزه عن باقي المشجعين من خلال ترديد الهتافات، ورفع اللافتات، وعرض الألعاب النارية.

أما بالنسبة لظهور الألتراس في العالم العربي ، فقد برزت هذه الظاهرة بشكل كبير خلال العقود الأخيرة في مختلف الدول العربية، مثل مصر وتونس والمغرب والجزائر وغيرها.

أهم أسباب انتشار ظاهرة الألتراس:

هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى ظهور وانتشار ظاهرة الإلتراس، من أهمها:

1. الهوية والانتماء: تشكل الألتراس إحساسا بالانتماء والهوية لدى أفرادها، فهي أكثر من مجرد تشجيع لفريق، بل هي طريقة للتعبير عن الذات والانتماء إلى مجموعة اجتماعية.
2. الشعور بالقوة: تمنح الألتراس لأعضائها شعوراً بالقوة والتأثير، حيث يشعرون بأنهم جزء من قوة جماعية قادرة على التأثير على مجريات المباراة وحتى على قرارات الإدارة.
3. التحدي والمغامرة: ترتبط الألتراس بروح المغامرة والتحدي، حيث يسعى أعضاؤها إلى تجاوز الحدود وتحدي القواعد.
4. العنف: للأسف، يرتبط اسم الألتراس بالعنف في بعض الأحيان، حيث تلجأ بعض المجموعات إلى أعمال الشغب والعنف للتعبير عن غضبها أو تحقيق أهداف معينة.
5. التسويق الرياضي: ساهمت صناعة كرة القدم في تسويق الألتراس كجزء من المنتج الرياضي، مما زاد من شعبيتها.

قوانين ومبادئ الألتراس :

تتميز مجموعات الألتراس العالمية بمجموعة من المبادئ والقوانين والأعراف التي تخضع لها، ومن أهمها نذكر ما يلي :

أولا: الانتماء والولاء للفريق

يُعد الولاء للفريق هو المبدأ الأساسي الذي تُبنى عليه جميع قوانين ومبادئ الألتراس، ينعكس هذا الولاء في حرصهم على حضور جميع مباريات الفريق، سواء داخل أو خارج الملعب، ودعم الفريق في جميع الظروف، بغض النظر عن النتائج.

ثانيا: التشجيع المستمر

يُعرف الألتراس بتشجيعهم المستمر طوال المباراة، مهما كانت النتيجة، ويستخدمون في ذلك مختلف الوسائل، مثل الأغاني، والهتافات، والأعلام، واللافتات.

ثالثاً: التنظيم والانضباط

تتميز مجموعات الألتراس بتنظيمها وانضباطها العالي، ويتم ذلك من خلال وجود قواعد محددة يجب على جميع الأعضاء اتباعها، مثل احترام بعضهم البعض، وعدم الاعتداء على الغير أو على ممتلكاتهم ، والالتزام بقوانين الملعب.

رابعاً: التضحية والمشاركة

يتطلب الانتماء إلى مجموعات الألتراس الكثير من التضحية والمشاركة، خاصة أن غالبية أعضائها يخصصون الكثير من وقتهم وجهدهم لدعم الفريق، سواء من خلال حضور المباريات، أو المشاركة في فعاليات المجموعة، أو حتى المساهمة في تمويل الأنشطة، باستخدام إما التمويل الذاتي أوالتبرعات.

خامسا: الروح الجماعية

يُعد الشعور بالروح الجماعية من أهم مبادئ الألتراس، فالأعضاء يشعرون بأنهم جزء من عائلة واحدة، تربطهم روابط قوية من الانتماء والولاء.

سادسا: حرية التعبير

تُعرف مجموعات الألتراس بحرية التعبير عن آرائها، سواء داخل أو خارج الملعب. ويستخدمون في ذلك مختلف الوسائل، مثل الأغاني، والهتافات، واللافتات.

سابعا: رفض العنف

تُرفض معظم مجموعات الألتراس العنف بشكل قاطع،وترى أن العنف يُسيء إلى صورة وسمعة الرياضة عامة وكرة القدم خاصة ، ويُضر بمصالح الفريق.

ثامنا: التعاون مع النادي

تسعى بعض مجموعات الألتراس إلى التعاون مع إدارة النادي، من أجل تحسين الأوضاع داخل الملعب، ودعم الفريق بشكل أفضل.

إيجابيات وسلبيات الألتراس:

تُثير مجموعات الألتراس جدلا عميقا حول هذه الظاهرة، وذلك بسبب بعض السلوكيات التي تصدر عن بعض أفرادها، على اعتبار أن لها تأثيرا كبيرا على الرياضة عامة و كرة القدم خاصة ، سواء من ناحية إيجابية أو سلبية.

 من الناحية الإيجابية، يساهم الألتراس في:

• خلق جو من الحماس والتشويق في الملعب؛
• دعم الفريق معنوي ورفعِ معنويات اللاعبين؛
• نشر ثقافة التشجيعِ المهذب والابتعاد عن العنف.

أما من الناحية السلبية، فقد يساهم الألتراس في:

• إثارة أعمال الشغب والعنف داخل وخارج الملعب؛
• التعصب الأعمى لفريقهم على حساب الفرق الأخرى؛
• استخدام الشعارات المُسيئة والعنصرية.

ظاهرة الالتراس هي ظاهرة معقدة تتضمن جوانب إيجابية وسلبية. من أجل الاستفادة من الجوانب الإيجابية وتجنب السلبية، يجب العمل على تطوير ثقافة رياضية سليمة، وتعزيز الحوار والتسامح بين الجماهير، ومكافحة العنف بكل أشكاله.

دور الألتراس في المجتمع:

لا يقتصر دور الألتراس على التشجيع فقط، بل تلعب هذه المجموعات دورا هاما في المجتمع من خلال:

1. التعبير عن القضايا الاجتماعية والسياسية: تستخدم منصات الألتراس أحيانا للتعبير عن القضايا الاجتماعية والسياسية.
2. التطوع في الأعمال الخيرية : تشارك بعض مجموعات الألتراس في الأعمال الخيرية، مثل تنظيم حملات التبرع بالدم أو مساعدة المحتاجين وغيرها .
3. محاربة العنصرية والتمييز : تُناهض بعض مجموعات الألتراس العنصرية والتمييز بكافة أشكاله.

أشهر مجموعات الألتراس في العالم:

هناك العديد من مجموعات الألتراس الشهيرة في العالم، ومنها الدول العربية نذكر بعضها مثل:

• ألتراس وينرز: خاص بالوداد الرياضي، المغرب، تعتبر من أشهر مجموعات الألتراس في العالم، حيث حازت على لقب أفضل ألتراس في العالم لعام 2022 من قبل موقع ألتراس ورلد Ultras World ؛
• ألتراس غرين بويز : خاص بالرجاء الرياضي، المغرب،  تُنافس ألتراس وينرز على لقب أفضل ألتراس في المغرب؛
• ألتراس تيفوزي : خاص بالنادي الأهلي، مصر،  يعد من أشهر مجموعات الألتراس في إفريقيا؛
• ألتراس إمبراطورية : خاص بالزمالك، مصر،  تُعرف بعروضها الإبداعية وهتافاتها المميزة؛
• ألتراس ساوث يونايتد : خاص ببوروسيا دورتموند، ألمانيا، تعد من أشهر مجموعات الألتراس في أوروبا؛
• ألتراس باد بويز : خاص بنابولي، إيطاليا، تُعرف بشغفها الكبير وروحها التنافسية؛
• ألتراس جويس : خاص بباريس سان جيرمان، فرنسا،من أشهر مجموعات الألتراس في فرنسا؛
• ألتراس ديربي: خاص بسلتيك، اسكتلندا، تُعرف بعروضها البصرية المميزة وتعلقها الشديد بفريقها.

ماهو مستقبل الألتراس؟

يُواجه مستقبل الألتراس العديد من التحديات، مثل:

1. الرقابة الأمنية : تُواجه مجموعات الألتراس رقابة أمنية مشددة من قبل السلطات، مما قد يحد من حريتها في التعبير.
2. التعاطي مع السلوكيات السلبية : يجب على مجموعات الألتراس العمل على معالجة السلوكيات السلبية التي تصدر عن بعض أفرادها.
3. التعاون مع الأندية : يجب على مجموعات الألتراس التعاون مع الأندية والسلطات لضمان سلوك لائق داخل الملاعب وخارجها.

لذلك، تتطلب ظاهرة الإلتراس دراسة متعمقة وفهما عميقا لدوافع وأفعال أعضائها. من خلال الحوار والتعاون، يمكن تحويل الألتراس من قوة مدمرة إلى قوة إيجابية تساهم في تطوير الرياضة والمجتمع.

خاتمة:

تُعد قوانين ومبادئ الألتراس فلسفة معقدة وفريدة من نوعها، مثيرة للجدل ، حيث تُشكل جزءا لا يتجزأ من ثقافة الرياضة عامة ، وكرة القدم خاصة ، فهذه المبادئ تُعزز الشعور بالانتماء، وتُشجع على التعاون، وتُساهم في خلق بيئة رياضية إيجابية، رغم بعض السلوكيات السلبية التي قد تظهر في بعض الأحيان، و تشكل خطرا على سلامة المباريات والأمن العام، وهي بذلك تواجه في نفس الوقت بعض من هذه التحديات التي يجب عليها العمل على معالجتها مستقبلا .