📁 آخر الأخبار

مراكز التكوين الرياضي وفق القانون

دور مراكز التكوين الرياضي في صناعة أبطال المستقبل:

يمثل قطاع الرياضة في المغرب ركيزة أساسية في تنمية المجتمع وتعزيز الهوية الوطنية. وفي هذا الإطار، تلعب مراكز التكوين الرياضي دورا حيويا في اكتشاف وتطوير المواهب الرياضية وصقلها. ومع تزايد الاهتمام بالرياضة والرياضيين، أصبح من الضروري تنظيم هذا القطاع وتحديد الإطار القانوني الذي يحكم عمل هذه المراكز.

مراكز التكوين الرياضي وفق القانون
مراكز التكوين الرياضي وفق القانون.

في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل الإطار القانوني المنظم لمراكز التكوين الرياضي في المغرب، متطرقين إلى دور هذه المراكز، الشروط الواجب توفرها، والإجراءات القانونية اللازمة لإنشاء مثل هذه المراكز، بالإضافة إلى الحقوق والواجبات لكل من المدربين والمتدربين، وفي الأخير نستعرض باختصار أهم التحديات التي يعرفها هذا القطاع وبعض الحلول المقترحة.

الإطار القانوني العام:

قبل الخوض في التفاصيل، من الضروري الإشارة إلى أن القانون 30.09 يهدف إلى تنظيم قطاع الرياضة بشكل عام، وتشجيع ممارسة الرياضة، وحماية الممارسين. كما يحدد هذا القانون مفهوم المركز الرياضي، دوره، الشروط والاجراءات الواجب توفرها للحصول على ترخيص لتسييره، وغيرها.

تعريف مراكز التكوين الرياضي:

يمكن تعريف مراكز التكوين الرياضي بأنها مؤسسات تُعنى بتدريب الشباب وتطوير قدراتهم البدنية والفنية في مختلف الرياضات، سواء كانت فردية أو جماعية. وفقا للقانون الرياضي المغربي، تُعتبر هذه المراكز جزءًا من المنظومة الرياضية الوطنية، ويجب أن تُدار بطريقة تتماشى مع الخطط الوطنية لتنمية الرياضة.

الإطار القانوني المنظم لمراكز التكوين الرياضي:

تُعد القوانين المتعلقة بالرياضة في المغرب، مثل القانون 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة، المرجع الأساسي الذي يُنظم عمل مراكز التكوين الرياضي. إضافة إلى غيرها من القوانين. والتي تشمل ما يلي:
  1. القانون 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة: يعتبر هذا القانون الإطار التشريعي الأساسي الذي ينظم قطاع الرياضة في المغرب. وهو يحدد مهام واختصاصات الوزارة المكلفة بالرياضة، وينظم إنشاء وتسيير الجمعيات الرياضية والعصب الجهوية، ويحدد شروط إنشاء مراكز التكوين الرياضي.
  2. الظهير الشريف رقم 376-58-1: ينظم هذا الظهير إنشاء الجمعيات بشكل عام، وتطبق أحكامه على الجمعيات الرياضية بما في ذلك مراكز التكوين الرياضي.
  3. المراسيم والقرارات الوزارية: تصدر العديد من المراسيم والقرارات الوزارية لتوضيح وتنفيذ أحكام القانون، وتحديد الشروط والإجراءات المتعلقة بإنشاء وتسيير مراكز التكوين الرياضي.
  4. الاتفاقيات الدولية: المغرب طرف في العديد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالرياضة، والتي تلعب دورا هاما في تطوير القطاع الرياضي وتنظيمه.
  5. القانون الجنائي: ينطبق على الجرائم التي قد ترتكب داخل مراكز التكوين، مثل الإهمال في سلامة المتدربين أو التحرش الجنسي وغيرها.
  6. قانون حماية المستهلك: يحمي حقوق المتدربين ويضمن حصولهم على خدمات ذات جودة.

دور مراكز التكوين الرياضي:

يعتبر مركز التكوين الرياضي من أبرز المؤسسات التي تلعب دورا محوريا في تطوير المواهب الرياضية وتعزيز الرياضة كقطاع أساسي في المجتمعات . فهو ليس مجرد مكان لتعليم الرياضة فحسب، بل هو منصة لبناء شخصيات رياضية قوية، واكتشاف القدرات الكامنة، وتنمية المهارات بشكل احترافي. وبشكل عام، من أهم أدوارها :

1- تطوير المواهب الرياضية:

تلعب مراكز التكوين الرياضي دورا حيويا في اكتشاف المواهب الرياضية وتطويرها. يتم ذلك من خلال:
  • البحث عن المواهب: تنظيم مسابقات واختبارات لاختيار الشباب الواعد.
  • التدريب المتخصص: تقديم تدريبات متخصصة وفقًا لاحتياجات كل رياضي.
  • المتابعة الشخصية: مراقبة تطور اللاعبين على المستويين البدني والنفسي.

2- تعزيز القيم الأخلاقية:

تُساهم مراكز التكوين في غرس قيم الانضباط، والعمل الجماعي، والاحترام لدى الرياضيين، مما يجعلهم قدوة في المجتمع.

3- تحسين الأداء الوطني والدولي:

من خلال توفير تكوين عالي الجودة، تساهم هذه المراكز في تعزيز أداء المغرب في المسابقات الدولية، مثل الألعاب الأولمبية وكأس العالم.

4- الجوانب الاجتماعية والتربوية:

يسعى القانون إلى تحقيق التوازن بين التكوين الرياضي والتعليم:
  • التعليم الأكاديمي: يجب أن توفر المراكز برامج تعليمية موازية لضمان استمرار الرياضيين في مسارهم الدراسي.
  • الدعم النفسي والاجتماعي: تقديم جلسات استشارية ودعم نفسي للرياضيين للتعامل مع ضغوط التدريب والمنافسة.
  • تعزيز القيم: تشجيع الرياضيين على احترام القوانين وروح الرياضة والعمل الجماعي.
إن دور مراكز التكوين الرياضي لا يقتصر فقط على تطوير المهارات الرياضية لدى الشباب، بل يتعداه إلى توفير الدعم اللازم لتحقيق التميز في جميع جوانب الحياة. من خلال توفير برامج تعليمية مخصصة، والتعاون مع المدارس، وتقديم الدعم النفسي، يمكن لمراكز التكوين الرياضي أن تساهم في بناء أجيال من الرياضيين المتفوقين أكاديميا ورياضيا.

الشروط الواجب توفرها في مراكز التكوين الرياضي:

لتأسيس مركز تكوين رياضي في المغرب، يجب استيفاء الشروط التالية:

1- المعايير الفنية والتقنية:

لضمان تقديم تدريب رياضي عالي الجودة، يفرض القانون 30.09 الالتزام بالمعايير التالية:
  • المرافق الرياضية: يجب أن تكون المرافق مجهزة بأحدث التقنيات وتتناسب مع متطلبات الأنشطة الرياضية المختلفة. مثال: ملاعب ذات معايير دولية، قاعات تدريب مخصصة، وأماكن للاستشفاء البدني.
  • المعدات الرياضية: تُلزم المراكز بتوفير معدات رياضية حديثة ومطابقة للمعايير العالمية لضمان سلامة الرياضيين.
  • البرامج التدريبية: ينبغي أن تكون البرامج التدريبية شاملة ومبنية على أسس علمية تجمع بين التعليم الأكاديمي والتدريب الرياضي ، مع مراعاة الفروق العمرية والبدنية للرياضيين. وهو ما تضمنته المادة 53 من القانون رقم 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة، حيث جاءت على الشكل التالي: 
"يجب على مراكز التكوين الرياضي أن تسجل الرياضيين الصغار الذين تستقبلهم لدى الجامعات والعصب المعنية وأن توفر لهم تعليما دراسيا عاما أو تعليما مهنيا إلى حين بلوغهم السن الذي لا يصبح فيه التمدرس إجباريا حسب القوانين الجاري بها العمل".

بل أكثر من ذلك، نص المشرع المغربي بشكل أكثر وضوحا عن البرنامج البيداغوجي الملقن داخل المركز، وذلك من خلال المادة 55 من القانون رقم 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة . ونص على ما يلي:

"يحدد بنص تنظيمي البرنامج البيداغوجي للتعليم المدرسي والبرنامج البيداغوجي للتعليم المهني الملقن بمراكز التكوين الرياضي وكذا تنظيم مراكز التكوين المذكورة وكيفية تسييرها من طرف الإدارة المختصة".

2- الشروط الإدارية والتنظيمية:

يشدد القانون على ضرورة وجود إدارة فعالة لضمان سير العمل بطريقة احترافية، وذلك من خلال:
  • التسجيل والترخيص:
يجب على أي جهة ترغب في إنشاء مركز تكوين الحصول على ترخيص من الجهات الحكومية المختصة، مثل وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة. وهو ما نصت عليه المادة المادة 52 من القانون رقم 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة، حيث ألزمت عند إنشاء هذه المراكز بالحصول على ترخيص من الوزارة الوصية. كما تشدد على ضرورة أن تتوافق هذه المراكز مع المعايير المحددة في المادة 53 من نفس القانون.
  • إلزامية إبرام اتفاقية تكوين:
وفقا للقانون، يجب أن تكون الاتفاقيات المبرمة مطابقة لنموذج تنظيمي محدد. هذا يعني أن جميع مراكز التكوين ملزمة بإتباع إطار موحد يُحدد فيه حقوق الرياضي وواجباته بشكل واضح. وفي هذا الإطار تُعتبر هذه الاتفاقيات وسيلة لحماية الرياضيين الصغار من الإخلال بالعقود أو التلاعب بها. إذ تنظم العلاقة بين الطرفين بطريقة تعزز الثقة المتبادلة. 

وهذا الشرط منصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 54 من القانون رقم 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة، حيث نصت على ما يلي:

" يجب على مراكز التكوين الرياضي أن ترتبط مع الرياضيين الصغار المشار إليهم في المادة 53 أعلاه باتفاقية تكوين مطابقة لاتفاقية نموذجية تحدد بنص تنظيمي".
  • إلزامية التأمين:
يفرض القانون على المراكز توفير تأمين صحي شامل للرياضيين لحمايتهم من المخاطر المرتبطة بالتدريب، وهو ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 52 من القانون رقم 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة، حيث جاءت كما يلي: "يمنح الاعتماد لمدة أربع (4) سنوات قابلة للتجديد ، ويجب على مراكز التكوين الرياضي اكتتاب وثائق التأمين المشار إليها في المادة 11 من هذا القانون"

4- الشروط الصحية والسلامة:

تعتبر الصحة والسلامة من أولويات القانون 30.09، ويشمل ذلك:
  • الإجراءات الصحية: توفير فحوصات طبية دورية للرياضيين والتأكد من سلامتهم البدنية.
  • خدمات الإسعافات الأولية: تجهيز المركز بعيادة طبية وفريق إسعاف مدرب للتعامل مع الإصابات الطارئة.
  • إجراءات الطوارئ: إعداد خطط لإجلاء الرياضيين وتأمين سلامتهم في حالات الطوارئ.
وعموما، يشكل القانون 30.09 إطارا شاملا لتنظيم مراكز التكوين الرياضي في المغرب، حيث يهدف إلى ضمان تقديم خدمات تدريبية عالية الجودة في بيئة آمنة وصحية. من خلال الالتزام بالشروط الفنية والإدارية والصحية، يمكن لهذه المراكز أن تسهم بفعالية في تطوير الرياضة الوطنية وإعداد أجيال جديدة من الرياضيين المتميزين.

الإجراءات القانونية لإنشاء مركز تكوين رياضي:

وينص القانون على مجموعة من الإجراءات التي يجب الالتزام بها في جميع مراكز التكوين الرياضي، والتي تُقسم إلى إجراءات إدارية، فنية، صحية، واجتماعية.

أولا: تقديم طلب الترخيص

تقديم طلب للحصول على ترخيص من القطاع الحكومي المختص، وخاصة وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة. ويتضمن طلب الترخيص :
  • ملف إداري يوضح هوية الجهة المُشغّلة.
  • خطة تشغيل المركز.
  • وصف المرافق والخدمات التي سيتم تقديمها.

ثانيا: تجهيز المقر بأحدث التجهيزات

تجهيز المركز الرياضي المحدث بالمعدات اللازمة. بحيث يجب أن :
  • يتوفر للمركز قاعات رياضية مجهزة بمعدات رياضية مناسبة وآمنة.
  • تكون هناك مساحات مخصصة للاستقبال والاستراحة.
  • توفر المرافق الصحية النظيفة.

ثالثا: توظيف الكوادر المؤهلة

توظيف المدربين والموظفين الإداريين، ويجب أن :
  • يتوفر في المركز مدربون مؤهلون و حاصلون على الدورات التكوينية اللازمة.
  • يكون هناك إطار إداري مسؤول عن تسيير المركز.
تعتبر الإجراءات المنصوص عليها في القانون المغربي 30.09 أساسية لضمان جودة مراكز التكوين الرياضي وتحقيق أهدافها. من خلال الالتزام بهذه الإجراءات، يمكن لهذه المراكز أن تسهم بفعالية في تطوير الرياضة الوطنية وإعداد أجيال جديدة من الرياضيين القادرين على المنافسة في المحافل الدولية. لكن يجب أن تبقى الرقابة والمتابعة من الجهات المختصة ركيزة أساسية لضمان تحقيق هذه الأهداف.

حقوق وواجبات المتدربين والمدربين:

صدر القانون رقم 30.09 لتنظيم ممارسة الأنشطة الرياضية وتحديد الشروط القانونية لإنشاء وإدارة مراكز التكوين الرياضي. يهدف هذا القانون إلى تعزيز الشفافية في إدارة هذه المراكز وضمان حقوق الرياضيين الناشئين. ويتضمن القانون مجموعة من الأحكام التي تنظم:
  • حقوق المتدربين: الحق في بيئة تدريب آمنة، الحصول على تكوين جيد، الحماية من أي نوع من الاستغلال، والحق في الشكوى.
  • واجبات المتدربين: الالتزام بالبرنامج التدريبي، احترام القوانين الداخلية للمركز، والتعاون مع المدربين.
  • حقوق المدربين: الحصول على أجر مناسب وعادل، العمل في ظروف جيدة، والحق في التكوين المستمر.
  • واجبات المدربين: تقديم تكوين نوعي للمتدربين، ضمان سلامتهم، والالتزام بالقوانين والأخلاقيات المهنية و التواصل المستمر مع أولياء الأمور.
لذلك، يشكل القانون 30.09 إطارا قانونيا واضحا ينظم العلاقة بين المتدربين والمدربين في مراكز التكوين الرياضي بالمغرب. من خلال تحديد حقوق وواجبات كل طرف، يساهم هذا القانون في خلق بيئة تدريبية صحية وفعالة، تساهم في تطوير المواهب الرياضية وتنمية قطاع الرياضة المغربي.

التحديات التي تواجه مراكز التكوين الرياضي في المغرب:

من أبرز التحديات التي تواجه مراكز التكوين الرياضي في المغرب، هي كالآتي:
  1. نقص التمويل: يعاني العديد من المراكز من نقص التمويل، مما يحد من قدرتها على توفير أفضل الخدمات.
  2. غياب التكوين المستمر للمدربين: هناك نقص في برامج التكوين المستمر للمدربين، مما يؤثر على جودة التدريب.
  3. غياب التنظيم المهني: لا يوجد تنظيم مهني للمدربين الرياضيين في المغرب.
  4. المنافسة غير الشريفة: هناك منافسة غير شريفة بين بعض المراكز، مما يؤثر على جودة الخدمات المقدمة.
ورغم هذه التحديات، تلعب مراكز التكوين الرياضي دورا حيويا في تطوير الرياضة المغربية، والقانون 30.09 يوفر الإطار القانوني اللازم لتنظيم عمل هذه المراكز. وبشكل عام، من خلال تضافر جهود الدولة والقطاع الخاص والجمعيات الرياضية، يمكن للمغرب أن يصبح قوة رياضية رائدة في القارة الأفريقية والعالم.

مقترحات لتطوير قطاع مراكز التكوين الرياضي:

نضع بين أيديكم مجموعة من المقترحات الشخصية، والتي من شأنها تطوير قطاع مراكز التكوين الرياضي، منها:
  1. سن قانون خاص: سن قانون خاص ينظم مراكز التكوين الرياضي بشكل شامل.
  2. التكوين الأساسي للمدربين: توفير برامج تدريب مستمرة للمدربين.
  3. تقديم الدعم اللازم للمراكز: تقديم دعم مالي ولوجستي للمراكز التي تقدم خدمات ذات جودة.
  4. تطوير البنية التحتية الرياضية للمراكز: بناء مرافق رياضية حديثة ومتعددة.
  5. تشجيع الشراكات: تشجيع الشراكات بين القطاع العام والخاص. كما يمكن للمراكز التكوين الرياضي إبرام شراكات مع الجامعات لتوفير برامج دراسية مخصصة للرياضيين.

خاتمة:
وفي الختام، يمكن القول أن مراكز التكوين الرياضي تلعب دورا حيويا في تطوير الرياضة في المغرب وتكوين أبطال المستقبل. ومع ذلك، فإن هذا القطاع بحاجة إلى المزيد من التنظيم والدعم لتجاوز التحديات التي يواجهها. من خلال سن تشريعات واضحة وتوفير البنية التحتية اللازمة، يمكن للمغرب أن يصبح قوة رياضية رائدة في المنطقة.
تعليقات