📁 آخر الأخبار

لماذا يحتاج جسم الإنسان إلى السعرات الحرارية؟

السعرات الحرارية ليست عدوك: "اكتشف دورها الحقيقي في حياتك اليومية"

هل تساءلت يوما عن السبب الحقيقي وراء احتياج جسمك للطعام؟ لماذا نشعر بالجوع؟ ولماذا تختلف احتياجاتنا الغذائية من شخص لآخر؟ الإجابة ببساطة تكمن في معرفة "مفهوم السعرات الحرارية". قد تبدو هذه الكلمة مألوفة، خاصة لمن يسعون لفقدان الوزن أو اكتساب العضلات.

لماذا يحتاج جسم الإنسان إلى السعرات الحرارية؟
لماذا يحتاج جسم الإنسان إلى السعرات الحرارية؟

لكن قليلون فقط يدركون الدور العميق الذي تلعبه السعرات الحرارية في حياتنا اليومية. في هذا المقال، سنغوص في أعماق هذا المفهوم لنكشف عن الحقيقة الكاملة: لماذا يحتاج جسم الإنسان إلى السعرات الحرارية؟ وما هو دورها في الحفاظ على صحتنا وحياتنا؟

ما هي السعرات الحرارية؟

ببساطة، السعرات الحرارية هي وحدة قياس الطاقة التي نحصل عليها من الطعام والشراب، والتي يستخدمها الجسم لأداء وظائفه المختلفة. عندما نقول إن طعاما يحتوي على 200 سعرة حرارية، فهذا يعني أن هذا الطعام يوفر 200 وحدة من الطاقة التي يمكن للجسم استخدامها للقيام بوظائفه الحيوية، كضخ الدم، التنفس، الحركة، التفكير، والهضم. بشكل عام، هناك نوعان رئيسيان من السعرات:
  1. السعرات الداخلة: وهي ما نحصل عليه من الطعام والشراب.
  2. السعرات الخارجة: وهي ما نستهلكه يوميا لأداء النشاطات الحيوية والبدنية.
التوازن بين هذين النوعين هو ما يحدد ما إذا كنا نحافظ على وزننا، نزيده، أو نفقده. وخلاصة القول، يمكن تشبيه السعرات الحرارية بوقود السيارة؛ فبدونها، يتوقف المحرك عن العمل. وبالمثل، بدون كمية كافية من السعرات الحرارية، لن يتمكن جسمنا من القيام بوظائفه الأساسية.

لماذا يحتاج جسم الإنسان إلى السعرات الحرارية؟

الجسم البشري يشبه آلة معقدة، وكل آلة تحتاج إلى طاقة لتعمل. السعرات الحرارية هي مصدر الطاقة الأساسي الذي يُمكن الأعضاء من أداء وظائفها. فضلا على ذلك، حاجة الإنسان للسعرات الحرارية ليست ثابتة، بل تتغير بناءً على مجموعة متنوعة من العوامل. ومع ذلك، هناك استخدامات أساسية للطاقة التي توفرها السعرات الحرارية تشمل:

1- الحفاظ على وظائف الجسم الأساسية (Basal Metabolic Rate - BMR):

يمثل معدل الأيض الأساسي كمية الطاقة التي يحتاجها الجسم في حالة الراحة التامة للحفاظ على وظائفه الحيوية مثل التنفس، ودوران الدم، وتنظيم درجة حرارة الجسم، ووظائف الأعضاء الداخلية. وحتى أثناء النوم أو الاسترخاء التام، يستهلك جسمنا سعرات حرارية للحفاظ على هذه العمليات اللاإرادية. يشكل معدل الأيض الأساسي الجزء الأكبر من إجمالي السعرات الحرارية التي يحتاجها معظم الناس.

فضلا على ذلك، يتأثر معدل الأيض الأساسي بعوامل مثل العمر (ينخفض مع التقدم في العمر)، والفئة (يكون أعلى لدى الرجال بشكل عام بسبب كتلة العضلات الأكبر)، والطول والوزن (الأشخاص الأكبر حجما يميلون إلى امتلاك معدل أيض أساسي أعلى)، وكتلة العضلات (العضلات تحرق سعرات حرارية أكثر من الدهون حتى في حالة الراحة)، والوراثة.

2- النشاط البدني (Physical Activity):

تمثل الطاقة اللازمة لأداء أي نوع من الحركة، من المشي الخفيف إلى ممارسة التمارين الرياضية المكثفة. بحيث  كلما زاد مستوى النشاط البدني وشدته ومدته، زادت كمية السعرات الحرارية التي يحتاجها الجسم. يمكن أن يشمل ذلك الأنشطة اليومية مثل صعود الدرج وحمل الأغراض، بالإضافة إلى التمارين الرياضية المنظمة.

وبذلك، يعتمد عدد السعرات الحرارية المحروقة أثناء النشاط البدني على نوع النشاط، وشدته، ومدة الأداء، ووزن الجسم.

3- التأثير الحراري للطعام (Thermic Effect of Food - TEF):

هي الطاقة التي يحتاجها الجسم لهضم وامتصاص واستقلاب العناصر الغذائية الموجودة في الطعام الذي نتناوله. على اعتبار أن الجسم يستهلك جزءا صغيرا من السعرات الحرارية التي نتناولها في عملية معالجة الطعام نفسه. على سبيل المثال البروتينات لديها أعلى تأثير حراري للطعام مقارنة بالكربوهيدرات والدهون.

على الرغم من أن التأثير الحراري للطعام يمثل نسبة صغيرة نسبيا من إجمالي السعرات الحرارية المحروقة، إلا أنه عامل يجب أخذه بعين الاعتبار عند تصميم نظام غذائي.

4- تنظيم درجة حرارة الجسم (Thermoregulation):

يحتاج الجسم إلى طاقة للحفاظ على درجة حرارته الداخلية ضمن نطاق ضيق ومستقر. علما أنه في الظروف الباردة، يحرق الجسم سعرات حرارية إضافية لتوليد الحرارة والحفاظ على الدفء. في الظروف الحارة، يستهلك الجسم طاقة لتبريد نفسه من خلال التعرق.

عادة ما يكون هذا الاستهلاك الإضافي للسعرات الحرارية أقل أهمية من العوامل الأخرى، ولكنه يمكن أن يكون ملحوظًا في الظروف المناخية القاسية.

5- النمو والتطور (Growth and Development):

يحتاج الأطفال والمراهقون إلى كميات أكبر من السعرات الحرارية لدعم النمو السريع وتطور الأنسجة والأعضاء. من خلال مراحل النمو، يكون الجسم في حالة بناء مستمر، وهذا يتطلب طاقة إضافية. وبذلك، فإن تلبية الاحتياجات من السعرات الحرارية خلال هذه المراحل أمر بالغ الأهمية للنمو الصحي والتطور السليم.

كيف يتم تحديد حاجة الإنسان الفردية للسعرات الحرارية؟

لا يوجد رقم سحري يحدد حاجة كل شخص للسعرات الحرارية. تعتمد الاحتياجات الفردية على مجموعة معقدة من العوامل. هناك العديد من المعادلات والتقديرات التي يمكن استخدامها لحساب الاحتياجات التقريبية، ولكن من المهم أن نفهم العوامل الأساسية التي تؤثر على هذه الاحتياجات:
  • معدل الأيض الأساسي (BMR): كما ذكرنا سابقا، هذا هو الأساس الذي تبنى عليه الاحتياجات اليومية من السعرات الحرارية.
  • مستوى النشاط البدني (Activity Level): يتم ضرب معدل الأيض الأساسي في عامل نشاط يعكس مستوى النشاط اليومي للشخص (من قليل النشاط إلى نشط جدًا).
  • الأهداف الشخصية (Personal Goals): إذا كان الشخص يسعى إلى فقدان الوزن، فسيحتاج إلى استهلاك سعرات حرارية أقل مما يحرقه. إذا كان الهدف هو زيادة الوزن (بناء العضلات)، فستكون هناك حاجة إلى استهلاك سعرات حرارية أكثر.
  • الحالات الصحية الخاصة (Specific Health Conditions): بعض الحالات الصحية يمكن أن تؤثر على احتياجات الجسم من السعرات الحرارية.
  • الحمل والرضاعة (Pregnancy and Breastfeeding): تحتاج النساء الحوامل والمرضعات إلى سعرات حرارية إضافية لدعم نمو الجنين وإنتاج الحليب.
بدون كمية كافية من السعرات الحرارية، يبدأ الجسم في تكسير الأنسجة للحصول على الطاقة، مما يؤدي إلى فقدان العضلات والشعور بالتعب وضعف وظائف الجسم. وعلى العكس من ذلك، فإن تناول سعرات حرارية أكثر مما يحتاجه الجسم يؤدي إلى تخزين الفائض على شكل دهون، مما قد يزيد من خطر الإصابة بالعديد من المشاكل الصحية.

أضرار عدم تلبية احتياجات الجسم من السعرات الحرارية:

عدم تلبية احتياجات الجسم من السعرات الحرارية على المدى الطويل يمكن أن يؤدي إلى مجموعة من المشاكل الصحية، بما في ذلك:
  1. نقص الطاقة والتعب المزمن.
  2. فقدان الكتلة العضلية.
  3. ضعف جهاز المناعة وزيادة خطر الإصابة بالأمراض.
  4. اضطرابات الهرمونات.
  5. مشاكل في النمو والتطور لدى الأطفال والمراهقين.
  6. نقص في الفيتامينات والمعادن الأساسية.
عدم تلبية احتياجات الجسم من السعرات الحرارية ليس مجرد مسألة تتعلق بفقدان الوزن أو اكتسابه؛ بل هو تهديد حقيقي لصحة الجسم والعقل. من الضروري إذن فهم أهمية تلبية احتياجات الجسم من السعرات الحرارية من خلال نظام غذائي متوازن ومتنوع لضمان الصحة والطاقة والرفاهية العامة. تذكر دائما استشارة أخصائي تغذية لتحديد احتياجاتك الفردية من السعرات الحرارية والعناصر الغذائية.

أضرار تجاوز احتياجات الجسم من السعرات الحرارية:

على الجانب الآخر، تناول سعرات حرارية أكثر مما يحرقه الجسم باستمرار سيؤدي إلى تخزين الطاقة الزائدة على شكل دهون، مما قد يؤدي إلى:
  1. زيادة الوزن والسمنة.
  2. زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
  3. زيادة خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني.
  4. مشاكل في المفاصل.
  5. بعض أنواع السرطان.
من خلال فهم هذه المخاطر وتبني عادات غذائية صحية ونمط حياة نشط، يمكننا حماية أجسامنا وضمان مستقبل صحي ومفعم بالحيوية. الوعي والاعتدال هما المفتاح للحفاظ على التوازن الصحي بين تزويد الجسم بالطاقة التي يحتاجها وتجنب عبء السعرات الحرارية الزائدة.

زيادة على ذلك، من المهم تغيير المفهوم السائد بأن السعرات الحرارية "عدو يجب محاربته". في الحقيقة، السعرات هي ما يمنحنا القدرة على التفكير، الحركة، الإبداع، وحتى النوم. السر يكمن في كيفية اختيار مصادرها وتوزيعها بطريقة ذكية.

خاتمة:
إن فهم حاجة جسم الإنسان للسعرات الحرارية هو أمر بالغ الأهمية للحفاظ على صحة جيدة ونمط حياة نشط. السعرات الحرارية هي الوقود الذي يدعم جميع وظائفنا الحيوية، وتلبية احتياجاتنا الفردية تتطلب فهمًا للعوامل المتعددة التي تؤثر عليها. من خلال تبني نظام غذائي متوازن وممارسة النشاط البدني بانتظام، يمكننا التأكد من تزويد أجسامنا بالكمية المناسبة من الطاقة للحفاظ على صحتنا ورفاهيتنا على المدى الطويل.
تعليقات